طوال عام، طبعت السرّية التامّة عمليّة الإنتاج والإعداد لسلسلة وثائقي «الحلم» الذي يبث على «روتانا موسيقى» و«روتانا سينما». العمل الطويل الذي تناول سيرة عمرو دياب، نأى عن التفاصيل الشخصيّة، بينما ركّز المطرب رقم واحد في مصر على تقديم نفسه كمؤسّسة مستقلة مهمتها العمل على بقاء صاحبها في القمة أطول فترة ممكنة. وبالتدريج تنازل كل منافسيه عن الاستمرار في السباق، ليبقى دياب وحده على القمة، رغم محاولات بعض مطربي الجيل الجديد اللحاق به بوسائل لا علاقة لها بالعمل الفني، كما يفعل تامر حسني كل فترة. حتى محمد منير، صاحب الشعبية الطاغية في مصر، لا يتمتع بالإمكانيات المؤسسية نفسها التي تحمي صورة دياب. كل ذلك سمح له بتقديم حلقات كان واضحاً أنّ دياب يُعدّ لها منذ صدور ألبومه الأول منتصف الثمانينيات. وهو عكس ما فعله محمد منير، عندما قرّر تقديم سيرة ذاتية على قناة «نايل لايف» في رمضان الماضي. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن قناة «الحياة» تستعد لبث سيرة ذاتية جديدة لمنير على حلقات، بعنوان «الملك»، تعويضاً عن فشل التجربة الأولى.
أما العمل الوثائقي الطويل الخاص بسيرة عمرو دياب، فيجمع حول النجم المصري موسيقيين وفنانين وملحنين وشعراء وصحافيّين شاركوه المشوار على مدى ثلاثة عقود. كل التفاصيل وكواليس رحلة التربّع على عرش الأغنية الشبابية المصرية والعربية يتابعها المشاهد العربي على مدى 10حلقات، في هذه السلسلة التي تنفرد «روتانا» بعرضها مساء كل أربعاء.
لا تكتفي السلسلة بالسرد، بل تحشد 68 شخصية شاركت النجم رحلة الصعود، علماً بأنّ حلقات أُفردت بكاملها لأكثر من ألبوم، إحداها كانت الأسبوع الماضي عن أغنية «نور العين،» وحلقة أخرى عن فيلم «آيس كريم في جليم»، وما زالت الحلقات مستمرة حتى الأربعاء أوّل آذار (مارس) المقبل. ورغم انتقاد بعضهم لظاهرة إجماع كل المتحدثين على الإشادة بإمكانيات دياب، إلا أنّنا لا نتوقّع من هذا المشروع شيئاً آخر: فقد صمّمت الحلقات وأنتجت لعرض سيرة فنّان يؤكد أنّ تلك النجومية لم تأت من فراغ، علماً بأنّ السلسلة جاءت فوق مستوى التوقعات، من حيث جودة الصورة والإضاءة والميكساج واستخدام المقاطع الصوتية والمرئية النادرة...
لكن «الحلم» عانى أيضاً من نواقص، إذا اعتبرناه سيرة حقيقية لا فنية فقط. هكذا، تفادى دياب الحديث عن زوجته الأولى الفنانة شيرين رضا، والدة ابنته نور التي شاركته مرحلة النجاح الأولى... قبل انفصالهما، وزواجه الثاني من زينة عاشور التي أشاد بها في الحلقة الرابعة، لأنها كانت تساعده في اختيار ملابس كليب «نور العين». كما ساعدته في حفلة Music Award في موناكو، وهو الذي لا يجيد الفرنسية! وبالإجمال، تفادى الفنان الملقّب بـ«الهضبة» الكلام عن حياته الخاصة، سواء بعد النجومية أو قبلها، وتجنّب التطرّق إلى علاقته بأسرته وأشقائه. لم يتناول مثلاً، وتحديداً، عمله في ملاهي شارع الهرم... وبالتالي سرعان ما يلاحظ المشاهد أن الحلقات تهدف إلى كشف تفاصيل صناعة نجومية عمرو دياب في المقام الأول.
أما الملاحظة الأساسية على موعد العرض الذي كان في 24 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، فهي أن الإعلان عنه جاء قبل أسبوع واحد من بداية الحلقات، كأنّ الموعد كان مجهولاً لفريق العمل الذي اهتم بالترويج للبرنامج على القناة الثانية المصرية الأرضية، لكون الحق الإعلاني ذهب لشركة «برومو ميديا» المملوكة من عمرو عفيفي، الصديق المقرّب من دياب، الذي تولّى الإشراف على البرنامج. فيما اكتفت الشركة ببيع الحلقات لقناة «روتانا»، على أن تتولى هذه الأخيرة جلب الإعلانات. ويبدو أن دياب ضغط لعرض «الحلم» على «روتانا سينما»، لكونها الأكثر مشاهدة في مصر، بعكس «روتانا موسيقى»، فيما تبث الحلقات أيضاً على محطة «نجوم إف أم» مساء كل أربعاء بعد انتهاء عرضها التلفزيوني. أما عن السلبيات المتعلقة بطريقة الإخراج، فيمكن حصرها في كلام عمرو دياب من موقع تصوير واحد، أي إنّه جلس يومين أو ثلاثة في مكان واحد ليروي كل الذكريات، ثم استُدعي الذين شاركوه المشوار الطويل، ثم جرى بعد ذلك مونتاج الحلقات مع إضافة المقاطع التلفزيونية والصوتية النادرة التي تؤكد كلام الضيوف.
يذكر أن المنتج محسن جابر هو الوحيد الذي رفض الظهور في البرنامج، بسبب اعتراضه على استغلال أغنيات من إنتاج شركته «عالم الفن»، من دون الحصول على حقّه المادي والمعنوي. وحتى حلقة اليوم، لم يظهر أيٌّ من مسؤولي «روتانا»... ربما لأنّ دياب لم يصل إلى تلك المرحلة حتى الآن. ويلاحظ أنّ الملحّن حميد الشاعري هو الأكثر ظهوراً باعتباره موزّع أبرز ألبومات دياب. ويتولّى الفنان عزت أبو عوف مهمة التعليق الصوتي، فيما غاب اسم المخرج، بما يوحي أن العمل من إخراج... عمرو دياب نفسه.